معالم اسلامية - الجامع الأموي (دمشق)

معالم اسلامية - الجامع الأموي (دمشق)

جامع بني أمية الكبير، ويعرف اختصارًا بالجامع الأموي، هو المسجد الذي أمر الوليد بن عبد الملك بتشييده في دمشق،[1] ويُعد رابع أشهر المساجد الإسلامية بعد حرمي مكة والمدينة والمسجد الأقصى،[2] كما يُعد واحدًا من أفخم المساجد الإسلامية، وأحد عجائب الإسلام السبعة في العالم.[3]

بدأ بناء الجامع الأموي في عام 705م على يد الوليد بن عبد الملك، وقد حشد له صنّاعاً من الفرس والهنود، وأوفد إمبراطور بيزنطة مئة فنان يوناني للمشاركة في التزيين،[4] ونال قسطًا وافرًا من المدح والوصف، لا سيَّما من الرحالة والمؤرخين والأدباء الذين مرّوا بدمشق عبر العصور وأطروا بشكل خاص على زينة سقف المسجد وجدرانه الفسيفسائية الملونة، والرخام المستعمل في البناء. إلا أن أغلبها طُمس بناءً على فتاوى بعدم جوزاها حتى أُعيد اكتشافها وترميمها عام 1928. وقد وصفها المؤرخ فيليب حتي بأنها «تمثل الصناعة الأهلية السورية وليس الفن اليوناني أو البيزنطي.»[5]

يتميز الجامع الأموي أيضًا بكونه أول مسجد ظهر فيه المحراب والحنية نتيجة طراز البناء الذي كان يشكل كنيسة يوحنا المعمدان سابقاً.[6][7] أما مئذنته الشمالية، وهي أقدم مآذنه الثلاث، فتعود لعهد الوليد بن عبد الملك. كما استخدمت أيضاً منارةً لمدينة دمشق، وكانت ستعمل خلال القرون الوسطى للمنقطين للتأمل والصلاة، ومنها انتشر نموذج المئذنة المربعة إلى سائر أنحاء سوريا وشمال إفريقيا والأندلس.

يحتوي الجامع على مدفن جسد يوحنا المعمدان -النبي يحيى- نسيب المسيح، ولم يبقَ من آثاره المسيحية سوى جرن العماد ونقش باليونانية في مدح المسيح على أحد الجدران.[8] كما يحوي المسجد أيضاً على الفتحة التي وضع فيها رأس الحسين بن علي حين حُمل إلى دمشق. وأُلحق بالمسجد مقبرة تضم رفات صلاح الدين الأيوبي.

احترقت أجزاء من الجامع ثلاث مرات: الأولى عام 1069م، والثانية على يد تيمورلنك عام 1400م، والثالثة عام 1893م. وكانت آخر عمليات الترميم في العصر الحديث عام 1994م.[9]

الموقع[عدل]

يقع الجامع الأموي في وسط مدينة دمشق القديمة، المنطقة المدرجة على لائحة التراث العالمي.[10]

التاريخ[عدل]قبل الإسلام[عدل]

يعود تاريخ المسجد الأموي في سورية إلى 1200 سنة قبل الميلاد، حيث كانت دمشق عاصمة لدولة آرام دمشق خلال العصر الحديدي. وقد كان آراميو غرب سوريا يعبدون «حدد الآرامي،»[11] إله الخصب والرعد والمطر حسب معتقدهم، لذلك أقاموا معبداً مخصصاً له في موقع «المسجد الأموي» المعاصر.[11] ولا يُعرف بالضبط كيف بدأ المعبد، لكن يعتقد أنه اتَّبع النموذج المعماري الكنعاني السامي التقليدي. وهو يشبه معبد القدس، ويتألف من فناء مسور وغرفة صغيرة للعبادة.[11] وقد بقي حجر واحد من المعبد الآرامي يعود لحكم الملك حازائيل، وهو حالياً يُعرض في متحف دمشق الوطني.[12]

واصل معبد حدد الآرامي القيام بدوره المركزي في المدينة حتى غزا الرومان دمشق في عام 64م فأقاموا فيه معبداً للإله جوبيتر،[11][13] فقاموا بإعادة تكوين وتوسيع المعبد تحت إشراف مهندس معماري وُلد في دمشق يدعى أبولودوروس، وهو من صمم ونفذ التصميم الجديد.[14] وقد أُعجب السكان المحليين بتماثُل وأبعاد «معبد جوبيتر اليوناني الروماني.» وباستثناء زيادة حجم المبنى، حافظ الرومانيون على معظم تصميمه الأصلي، وتُرِك الفناء المسور سليماً إلى حد كبير. وأقيمت في وسط الفناء غرفة داخلية،[13] وكان هناك برج واحد في كل من الزوايا الأربع للفناء. كما استخدمت الأبراج للطقوس تمشياً مع التقاليد الدينية السامية القديمة حيث قُدِّمت الأضاحي في الأماكن المرتفعة.[15]

أصبح المعبد الروماني الجديد السلطة التشريعية الدينية في مدينة دمشق بسبب حجمه الكبير،[16] وكان الغرض من تشييده (وقد أصبح فيما بعد المركز الرئيسي للعبادة في الإمبراطورية الرومانية) أن يكون منافساً للمعبد العبري في القدس.[17] وقد أضيف لـ«معبد جوبيتر» المزيد من الإضافات خلال الفترة الأولى من الحكم الروماني للمدينة، وأصبح أغلب كهنة المعبد أثرياء بسبب التبرعات التي كانوا يجمعونها من المواطنين الأثرياء في دمشق.[16] وقد وُسِّعت البوابة الشرقية لفناء المعبد في عهد سيبتيموس سيفيروس (حكم 193-211 م).[18]

بحلول القرن الرابع للميلاد أصبح المعبد مشهوراً بسبب حجمه وجماله وفُصل عن المدينة بمجموعتين من الجدران.[16] وكان الجدار الأول، الذي يعتبر الأكبر، يمتد على مساحة واسعة شملت السوق. أما الجدار الثاني فيحيط بحرم معبد جوبيتر الأصلي.[16] وكان هذا المعبد الأكبر في سوريا الرومانية.[19] وفي نهاية القرن الرابع للميلاد، تحديداً في عام 391، حُوِّل معبد جوبيتر إلى كاتدرائية القديس يوحنا بأمر من الإمبراطور ثيودوسيوس الأول (حكم بين 379 و395 للميلاد). لكن هذه الكاتدرائية المسيحية لم تكن مكرسة مباشرة ليوحنا المعمدان -النبي يحيى، وكُرِّست لاحقًا من القرن السادس للميلاد، إذ تشير الأسطورة المحلية أن رأس يوحنا المعمدان -النبي يحيى - دُفن هناك.[20] وكانت الكاتدرائية بمثابة مقر أسقف دمشق، الذي يحتل المرتبة الثانية ضمن بطريركية أنطاكية بعد البطريرك نفسه.[21]

ولا تزال أطلال المعبد باقية في منطقة سوق الحريم وحتى منطقة القيمرية.

صور ذات صلة

1 Comments
محمد مصطفي
محمد مصطفي
منذ 3 أسابيع

جميل ماشاءالله

Leave a Comment